انتقد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، المستشار هشام جنينة، حفظ النيابة العامة التحقيق في تقرير قدمه الجهاز يتضمن مخالفات بأراضي "الحزام الأخضر"، الذي يحيط بالمدن الجديدة.
وقال في حوار مع صحيفة "الوطن" الأحد: "خاطبنا النيابة بموافاتنا بأسباب الحفظ، ولم يتم الرد علينا، وإذا صح أنها حفظت التقرير لعدم وجود مستندات، فلِمَ أصدر وزير الإسكان قرارً بسحب 3 آلاف فدان من أراضي الحزام الأخضر بعد قرار حفظ النيابة؟".
وكشف أن أبرز مخالفات الحزام تتلخص في تخصيص مساحات شاسعة بالأمر المباشر لأفراد وشركات دون وجه حق، مؤكدا أنه تم تقسيمها بين النيابة العامة ونادي القضاة والرقابة الإدارية وبعض شركات تابعة لجهات سيادية.(مقصود بتلك الجهات أجهزة المخابرات).
وأضاف: "تبلغ مساحة الأراضي المخصصة لهم نحو 35 ألف فدان، وهناك مسؤولون سابقون وحاليون بالدولة، حصلوا على قطع أراض بالحزام الأخضر من خلال استغلالهم لمناصبهم وصفاتهم، ومنهم نواب عموم قاموا بإيصال مرافق للأراضي على حساب الدولة في الوقت الذى حرم القانون فيه توصيل أي مرافق لهذه المناطق".
وأوضح أنه "تم تقدير سعر هذه الأفدنة من خلال لجنة تثمين أراضي الدولة بسعر الفدان 3 آلاف جنيه في حين أن سعره الحالي بلغ 5 ملايين جنيه".
وأضاف أن إجمالي خسائر الدولة من تلك التعديات وصل، في تقدير مبدئي، إلى 26 مليار جنيه مصري، قائلا إن هناك معوقات واجهت الجهاز في إعداد هذا التقرير، وبعد أن تم تشكيل لجنة لاستكمال حصر تلك المخالفات تم إيقاف أعمالها بمعرفة النائب العام برغم كشفها للمخالفات".
وتابع: "هناك 295 ملفا بالحزام الأخضر لم يتم فحصه".
وأكد أن عدد البلاغات التي قدمها الجهاز المركزي للمحاسبات إلى النيابة أكثر من 200 بلاغ تخص قضايا اعتداء على المال العام، وكذلك إلى جهاز الكسب غير المشروع، مشيرا إلى أن "هناك بلاغات لم ترد أي إجابة حول التحقيق فيها، وخاطبنا تلك الجهات، ولم يرد أحد، وهو ما يتعارض مع دعوة الرئيس للأجهزة الرقابية بالتعاون فيما بينها للقضاء على الفساد"، وفق قوله.
الداخلية تتحجج بمحاربة الإرهاب
رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هاجم في حواره وزارة الداخلية. وقال إنها ترفض تقديم المستندات الخاصة بالرواتب والأجور والمكافآت التي يتقاضاها العاملون فيها، مشددا على أنه "لا يجوز التحجج بأنهم يحاربون الإرهاب".
وأعلن التحدي بالقول: "سأكشف الفساد أيا كان موقعه، سواء كان قاضيا فاسدا أو ضابطا فاسدا أو أي مسؤول في الدولة، وإذا لم أكشف ذلك فأين إذن دور الجهاز وقيمته طالما أنه لا يرصد مخالفات؟.
وشدد على أن "محاربة الفساد لا تقل أهمية عن محاربة الإرهاب، والعكس صحيح، فهما وجهان لعملة واحدة، فإذا لم نحارب الفساد ستفقد الدولة كثيرا من مصداقيتها لدى الرأي العام، وهذا سيكون تكأة للإرهاب، ومبررا لأنشطته الإجرامية، ويعطى انطباعا بأن الدولة غير جادة في محاربة الفساد"، على حد قوله.
تقويم أداء مؤسسات الدولة
وحول تقويم أداء المؤسسات المختلفة بالدولة، قال: "رصدنا في تقرير يجرى الانتهاء منه حاليا وجود قصور شديد في منظومة الصحة مرجعه إلى العنصر البشري أولا، وتبين أن لدينا مبان كثيرة بمختلف المؤسسات الطبية بدون أجهزة، ونفس الحال بالنسبة للتربية والتعليم إذ نمتلك عدداً هائلا من المدارس لكن المستوى العلمي والتربوي للقائمين على العملية التعليمية مترد جدا".
وتابع: "تم رصد عدم وجود تجهيزات علمية وأماكن للطلاب، الأمر الذي يؤدى للجوء إلى الدروس الخصوصية، فضلا عن أنه يتم اعتماد مبالغ مالية لأجهزة كمبيوتر حديثة، إلا أن المتعهد بالمدارس يمنع الطلاب من استخدامها باعتبارها عهدة".
لولا التحصين.. ونادي القضاة
ومجيبا عن سؤال الصحيفة: "ماذا لو لم يكن منصب رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات محصنا ضد العزل قبل انتهاء مدته؟ قال جنينة: "كنت اتقطعت أو في السجن، خاصة أنه من فترة لأخرى يتم إعداد محاضر تحريات مختلقة ضدى بأنني أنتمي إلى الإخوان، كما تم اتهامي بالتحريض على إلقاء بيان أثناء اعتصام رابعة، في وقت لا يوجد في القانون تهمة تعاقب على إلقاء بيان".
وحول إداننه باعتباره رئيس أكبر جهاز رقابي بتهمة سب مجلس إدارة نادى القضاة، قال المستشار هشام جنينة: "احتراما للقضاء سددت قيمة الغرامة، لكنني سأطعن على الحكم وأعيبه، ومن حقي ذلك شأني شأن أي قاضٍ، خاصة أنه تضمن الكثير من المخالفات القانونية، وهناك قصور شديد في أسباب الحكم تصمه بالبطلان، كما أنه تضمن إخلالا جسيماً في الحق بالدفاع يستوجب معه مخاصمة الدائرة التى أصدرت الحكم".
وأضاف: "كل هذا يوجب الطعن عليه أمام محكمة النقض، وأنا أثق في استرداد حقي المسلوب".
تحريات مغلوطة
ورد جنينة على اتهامه من قبل أحد الأجهزة الرقابية بأنه إخواني، وأحد عناصر الجماعات الإسلامية.. فقال: "هذه تحريات مغلوطة، لأنني قبل أن أتولى رئاسة الجهاز المركزى للمحاسبات كنت مسؤولا بالنيابة العامة، وتوليت التحقيق مع كل التنظيمات الإرهابية بما فيها جماعة الإخوان، وكذلك حققت في قضية اغتيال الرئيس السادات "قضية الجهاد الكبرى رقم 462 لسنة 1981"، وكنت حينها وكيلاً للنائب العام لنيابة أمن الدولة العليا".
وأضاف: "من قبلها كنت أعمل ضابط شرطة بمديرية أمن الجيزة، وكل هذه مراحل يتم التحري فيها عن الشخص قبل تولي المنصب، فإن صحت تلك التحريات بأنني إخواني، وأنتمى للجماعات الإسلامية فهذا يشكك في كل التحريات التى رشحتني لهذه المناصب من قبل، ويُسأل من قام بإجراء تلك التحريات، وإذا كانت التحريات صادقة فلابد من التدليل عليها، كما أن هناك مبدأ قانونيا يؤكد أن التحريات لا تعدو أن تكون مجرد رأي لمحررها يحتمل الصدق أو الكذب".